بعد عام من الفراق جسّدت فيه كل الآم العاشقين من قسوة الحرمان .. ومرارة البعد كل أنغام الحزن على أوتار الزمن القاسي...
بعد عام من الفراق.. عادت والتقت به مرة أخرى على دروب الصدف العنيدة...
عادت....
والتقت بمحوبها الغالي.. وكأنها حين ذاك التقت بروحها الضائعة وخفقات قلبها المتناثرة...
في لحظة اللقاء..
تحجّرت كل النظرات في الأحداق...وغطّى السكون كل أركان الليل الساهر..
وأسدلت كل المشاعر الخفاقة ستائرها فوق غموض الذكريات....
شعرت هي باحساس غريب أضاع طريقه على سطور خواطرها...وتاهت كلماتها فوق دروب شفاهها...
اقتربت خطواته منها..
فأحست بكل أشواقها تلجأ رغما "عنها الى أحضان حبيبها...ورسمت اللهفات على وجهها لوحة حنين واشتياق عميقة تنتظر أن يخط عليها حبيبها بصمات حبه عليها...
في لحظة اللقاء...
تعانقت النظرات..وارتعشت الكفوف..واشتعلت آهات البعد داخل الأنفاس....
هي تتوق لأن يأخذها بين ضلوعه...
وهو يشتاق للمسة على عنقه من يديها...
بعد عام من الفراق...عاد ووجدها كما هي...
سحر عينيها ..نعومة شعرها المنسدل على أكتافها.. رنين همساتها ...رجفة أحضانها...وعذوبة آهاتها...
سألها....كيف أنتي بعد فراقنا..؟؟
فنظرت اليه بألم محروق..ووضعت رأسه على كتفه...
سالت أدمعها...وشهقت تبكي من أوجاع الفراق..ولوعة السهر والحرمان...
فبعد فراقه....
أصبحت حياتها في حالة غروب دائم....وصارت ساعات يومها بلا طعم ولا أي معنى....
بعد فراقه...
ذبل كل احساس بالفرحة في داخلها...
ونسج الحزن خيوطه على دروب حياتها....
ففي كل يوم ....كانت تراه في كل العيون الحائرة ...
وتسمعه في صوت أشعارها ...وصدى خواطرها....يناديها ..ويناجي وحدتها..
في كل يوم... كانت تتحسس ملامحه مع ليل غربتها وو حشة أفكارها...
كانت تتذكر كل شيء به....
نظراته الحادة.. ضحكاته.. حديثه ومزحه...أفراحه وأحزانه...
لهفاته وآهاته....وأحلامه معها.....
رفع رأسها اليه...
ونظر اليها نظرة حنان وشوق كبير...يسطّر على أوراقها الذابلة حاله هو بعد فراقها..
مسح دموعها بأنامل كفيه...
وضمها اليه...هامسا" في أذنيها بأنها روحه التي يحيا بها ...
وأن حبها ما زال ساكن معه في أعماق اعماقه....
وأنها الدماء التي تجري في شرايين جسده...
واستمر يهمس لها ...
بأنه في كل ليلة كان يحلم بها...
يحلم بأنه معها .. ولها..
وأنه كلما تذكرها ...هلّت مدامعه من اجلها ..وأجل حبها ..وذكراها...
كانت هذه الدموع تصبّره على فراقها...وعلى قسوة الذكرى التي حكمت على حبهما بالنهاية الموجعه..
وفي تلك اللحظات التي ذابت فيها كل أشواقهما..
سرق منهما الزمن ....أغلى لقاء...وأجمل عناق لللآهآت...
وحكم عليهما الفراق مرة" أخرى....بالفراق...
ولم تبقي لهما أقدار الفراق ...سوى ذكريات الدموع..التي يتردد صداها دائما"عند موت كل شيء جميل....
وعند نهاية كل فرح تحت ظلال السراب ....على شواطىء النسيان....
